الأربعاء، 5 مايو 2010

الحضارة الغربية ليست متسامحة


كان التسامح مصباحاً يتألق في نفوسنا يضيء دروبنا بأنواره الساطعة، وتشرف بوهجه حياتنا وتنشرح بوجوده صدرونا فتسعد به حياتنا وتتألق به أرواحنا وتهتدي بمناراته السامقة أمم الأرض وشعوبها حتى جاء من يميز شعوب الأرض إلى شعوب ذكية متقدمة وأخرى متخلفة لأنها أقل فطنة وأدنى مستوى في ميزان العقول لأن الأذكياء من سكان الأرض قد استطاعوا على حين غفلة من الدهر أن يدهموا الشعوب الإفريقية والآسيوية وأمريكا اللاتينية فيقتلوا كل من وقف في طريقهم من الرجال والنساء أو حتى الأطفال على حين غفلة من الرقابة الإنسانية.


استطاع الأوروبيون أن يحتلوا أرض الآخرين ويستعبدوا أهلها ويستأثروا بثرواتها فيبنوا المدن الكبيرة والاقتصاد الضخم والمعرفة العملاقة وليتهم اكتفوا بذلك الانجاز العظيم الذي حققوه لشعوبهم في ميادين المال والثروة والاقتصاد ، لكانت الشعوب التي سلبوها خيراتها ومزقوا كياناتها استطاعت أن تنهض على مدى السنوات التي غادرها المستعرون.


(بل من الخطأ أن نطلق عليهم : «المستعمرون») فهم محتلون وغاصبون .. أما كلمة : (المستعمرون) فتعني في اللغة : البناء والتعمير والإصلاح، لكن الأوروبيين لم يبنوا في البلدان التي استعمروها سوى كيانات زائفة، عميلة، تتغنى بأمجاد المحتل وترفعه فوق الشبهات وتنسب إليه كل جميل وتبرئه من كل قبيح، لقد استطاع المحتلون في كل بقاع الأرض التي ابتليت بنيران سطوتهم وتسلطهم أن يعمدوا بقصد ونية شيطانية مجرمة أن يمسخوا الثقافة ويشوهوا التاريخ ويقلبوا الحقائق ويحولوا دون فهم الشعوب لماضيهم وتراثهم فهما حقيقياً مبنياً على معطيات الحضارات ومنجزاتها قبل أن يعرف العالم شيئاً عن حضارة الغرب التي لم يزد عمرها عن ثلاثة قرون، بينما كانت هناك حضارات إنسانية عظيمة مثل الحضارة البابلية والآسيوية والصينية والمصرية التي كانت الحضارة الإسلامية لها مسك الختام، ثم جاءت الحضارة الغربية تحمل على كاهلها تابوت الغرور والاستعلاء منكرة دور كل الحضارات التي سبقتها أو مقللة من شأنها، كما لو كانت الحضارات الغربية قد بدأت من الصفر في عالم ليس فيه سوى العقل الأوروبي (الهيليني) كما يعتقدون.


ولو أنهم استعملوا موازين الإنصاف في تعاملهم مع الآخرين لعلموا أنهم قد أساءوا أكثر مما أحسنوا.. أساءوا إلى شعوب آسيا وأفريقيا عندما نهبوا ثرواتهم واستعبدوا رجالهم واستحيوا نساءهم... أساءوا إلى تلك الشعوب عندما حاولوا تغيير معتقداتهم عن طريق القسر والقوة تارة وعن طريق الإغراء والخداع والتضليل تارة أخرى. ولما لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم الشريرة أخذوا على عاتقهم بذر بذور الشقاق وتعميق الخلافات وتمزيق البلدان واستعمال الخونة والشواذ من سكان الشعوب التي مسخوا هويتها وقتلوا فيهم معنى العزة والرجولة لكي يستخدموهم طوابير مشبوهة تروج لضلالاتهم في وسائل الإعلام وفي المحافل الرسمية وفي الأندية والمنظمات التي أطلقوا عليها (إنسانية) !!!.


إننا لا نشك في أن الأوروبيين والغربيين بصفة عامة هم جماعة من الأذكياء «والشطار» يستطيعون تحقيق مآربهم بسهولة بسبب قدرتهم على التأثير على الآخرين ، ليس فقط لأنهم يمثلون الجانب الأقوى أو الأغنى أو الأكثر علماً ودهاءً، بل لاعتقادهم أنهم قد مسخوا رجالاً كثيرين ونساء وعطلوا مراكز النخوة والكرامة في نفوسهم، بل إنهم يعتقدون أن الفقر والبطالة وحاجة الناس للمال كلها أمور تصب في حياض مصالحهم وتحقيق أهدافهم ومخططاتهم، فلماذا لا يهتبلون هذه الفرص لإيجاد مزيد من الانفلات والتفسخ والانحلال فتجدهم مرة حريصين على حقوق المرأة ومرة على حقوق الأطفال مع أنهم في الحقيقة يعملون ضد حق المرأة في الاستقرار العائلي أو أن تكون مسؤولة عن رعاية أطفالها وحسن تربيتهم حتى لتجدهم هائمين على وجوههم بسبب سوء توجيه الأم والأب من قبل حاميات حمى المرأة التي وجدوا أن حقها في الحياة لا يكون مصاناً إلا إذا مارست حياتها على ذلك النحو الذي تمارسه المرأة الأوروبية ، حتى وإن كانت تلك المرأة قد أبدت تململها وضيقها وتبرمها من حياة (الرجولة) هذه التي تجد نفسها مدفوعة لتقليدها ..


بالله عليكم ... أين التسامح في رؤية الحضارة الغربية لشعوب الأرض ؟!.. لماذا يريدوننا أن نكون نسخة مشوهة للإنسان الغربي ؟! لماذا لا يتركوننا نحن الذين نقرر ما يصلح شئوننا الاجتماعية والنفسية والعقدية بموجب ما نملك من ثروة هائلة جداً جاء بها الإسلام واستفاد منها الغربيون أنفسهم في كثير من أمور حياتهم، ومازال فيهم منصفون يعترفون للإسلام بقدرته على حل مشاكل الدنيا بأسرها، فلماذا لا يتحلى هؤلاء القوم بقدر من التسامح والإنسانية في تقديم الدعم والعون لشعوب الأرض دون تدخل في تغيير الثقافة والهوية وفرض عادات وتقاليد وأعراف تتعارض مع المعتقدات والهوية ؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق