الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

شيخ الحارة والقصاب !!

كان شيخ الحارة أكثر الناس فقراً وتواضعاً وبساطة وكان محبوباً لدى الناس لأمانته وإخلاصه وشجاعته في قول كلمة الحق .وكان له هر يسمونه "الطغام" , والطغام في اللغة أرذل الطير والسباع وربما الإنسان, وكان هذا الهر الطغام قد ألف أن يحصل على عطف وعناية "قصاب الحي" فكان كلما مرَ شيخ الحي أو الحارة يناوله القصاب "لفافة" فيها ما لذ وطاب من الدواخل والحوايا هدية القصاب للهر الطغام .. سمن الهر وبدا جسمه مكتنزاً بالشحم واللحم ..حتى لقد أخاف الكلاب،فلم تعد تجرؤا أن تمر قريباً من دار صاحبه خوفاً من مخالب القط وأنيابه ..
أما الفئران فقد اختفت ، فأمن شيخ الحارة شرها وعبثها ..فقد كانت لا تترك شيئاً إلا قرضته ،من الملابس إلى الاخشاب والكراسي والأثاث ...فزاد إعجاب عاقل الحارة أو شيخها بالقط أو الهر الطغام ..فصار عنده أثيراً ولم يعد باستطاعته الاستغناء عنه ..وانعكس حب عاقل الحارة لقطه الطغام على علاقته بالقصاب ،فصار يكن له كل ود وتقدير بسبب عنايته واهتمامه بالهر الطغام .. وبقى هكذا حالهم حتى شاء الله أن يكتشف عاقل الحارة شيئاً لم يصدقه في البداية ..لكنه بعد التمعن والتدقيق وجد أن القصاب قد الصق بكفة الميزان التي يضع فيها اللحم قطعة معدنية لا يقل وزنها عن ربع رطل في مكان مخفي من الكفة ..فأخذ شيخ الحارة يهمس في أذن صاحبه القصاب بأن مايفعله حرام لا يجوز فعله ، و لابد من إزالته ..فشكره القصاب على محادثته سراً بالموضوع ولم يطلع أحداً من أهل الحي على جرمه ، لكنه من الناحية العملية لم يفعل شيئاً ،فما بال شيخ الحارة ينكر عليه مالا ينكره الناس ..
وجد شيخ الحارة صاحبه القصاب لم يغير شيئاً ..بل على العكس مما كان يرجوه منه، فقد أخذ القصاب يوسع حدقة عينيه ويحرك رأسه علامة التهديد والغضب على عادته يواسي الهر الطغام ويزيد الاهتمام به ..ولما يئس الشيخ من صلاح صاحبه ،اتجه في ذلك اليوم وطلب من أحد أصدقائه أن يحمل معه قطه الطغام إلى مكان لا يعود إليه أبداً ، ثم اتجه بعد ذلك على إلى القصاب وصرخ في وجهه لابد أن تغير كفة الميزان فالغش حرام فإن لم تستطع تغييرها فاسمح لي أنا بتغييرها فأخذ الكفة وأخذ ينتزع منها القطعة المعدنية والناس يشهدون المنظر ..ولكن القصاب لا يبالي بذلك كله ، بل ظن أنه يستطيع المساومة ..فقال للشيخ :إياك أن تمر بعد اليوم تأخذ مني "لفافة" الدواخل والحوايا التي كنت أبعث بها معك هدية منى للهر الطغام ..
قال الشيخ : كنت أعلم ذلك ..لذلك فقد تخلصت من القط الطغام رغم حاجتي له و أرسلته إلى جهه لن يعود منها أبداً ..
قال القصاب : أما وقد فعلت ذلك فإنه لا سبيل لي عليك ..وإكراماً لك .. سوف أتخلص من كلتا الكفتين وأبدلهما بكفتين جديدتين أخرجهما من التو من الأدراج خلفه وقذف بالكفه المشبوهة في صندوق القمامة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق